الشيطان وقع اسيرهاروايات رومانسيه

رواية الشيطان وقع اسيرها الفصل 43 و 44

الفصل الأخير الجزء الأول (حتى تحترق النجوم )
للأبد؟
-ماذا؟
– ستظل تحبني للأبد؟
– حتى تحترق النجوم وحتى تفنى العوالم، حتى تتصادم الكواكب وتذبل الشموس وينطفئ القمر، حتى أشيخ فتتآكل ذكرياتي، وحتى يعجز لساني عن لفظ اسمك، حتى ينبض قلبي للمرة الأخيرة، فقط عند ذلك ربما أتوقف، ربما.

– احمد خالد توفيق..
♡♡♡♡♡♡♡♡
رنين جرس المنزل أوقفها عما بدأت بفعله ….فجأة رمت جواهر السـ كين والدموع تنفـ جر من عينيها …لا تصدق انها بهذا الضعف …لا تصدق انها كانت ستقوم بهذا …لقد خذ لت الجميع أولهما والدتها ….غطت وجهها بكفيها ثم انفجـ رت ببكاء مرير وارتفع صوتها….

كان عدي يقف خارج المنزل وهو يرن الجرس …أنها لا ترد …أخذ القلق ينهـ ش في قلبه …رباه أن عبير ليست هنا …جواهر بمفردها ماذا إن فعلت بنفسها شئ …كانت الأفكار السيئة تمزقه من كل اتجاه ….
-جواهر …جواهر افتحي الباب !!
قالها عدي وهو يطرق الباب بكل قوته …ولكن لا مجيب ابدا …
-يا ربي …ياربي اعمل ايه ؟!
قالها بنبرة مرتعشة بفعل الخوف …يحاول أن يوقف تسرب الأفكار السيئة في عقله ولكنه لا يستطيع !!!
-جواهر افتحي الباب!!!
قالها وهو يطرق الباب بقوة أكبر …ثم أخرج هاتفه وهو يرن عليها بينما يضع أذنه على الباب لعله يلتقط اي صوت …ولكن لا شئ…لا شئ على الاطلاق …
لم يفكر مرتين وهو يتراجع ليدفع الباب ويكسره ولكنه فجأة توقف وهو يرى الباب يُفتح وجواهر تكل عليه وهي ترتدي فستان أحمر ….بهت للحظات ولكن سرعان من اندفع وهو يعانقها بخوف ويقول :
-موتيني من الخوف عليكي …ينفع كده …
أغمضت جواهر عينيها المغمورة بالدموع وقالت بنبرة مختنقة :
-كويس انك جيت …كويس …
ابتعد عدي عنها وقال:
-خلينا ندخل جوا نتكلم …
هزت رأسها ودخلت هي وهو للمنزل…
نظر عدي إلى الصالة وعبس وهو يجد سكين على الأرض …ورسالة …اقترب بتوجس من الرسالة ثم قرأها وعينيه تتسع بفزع …نظر إليها لتهز رأسها وتقول بخجل :
-حتي في دي فشلت …مقدرتش انتحر …و..
ألقى عدي الرسالة أرضا واقترب منها وهو يهزها بعنف :
-أنتِ اتجننتي …عايزة تمو تي نفسك …مفكرتيش فيا …ده انا كنت أروح وراكِ …
طفرت الدموع غزيراً من عينيها وقالت :
-أسفة …اسفة ..أنا معرفش أنا بعمل ايه يا عدي …حاسة اني بمو ت …مش قادرة استحمل غياب ماما …مش قادرة استحمل اللي سمعته …اللي حصلي كتير ..كتير اووي …حاسة أن طاقتي خلصت …وفكرت ..فكرت أن ده الحل الوحيد عشان ارتاح …أنا …أنا…
تقطع صوتها وهي تبكي ليضمها إليه مجددا ويقول:
-بس بس اهدي …اهدي أنا دايما معاكي يا جواهر وهنعدي ده سوا …
ابتعد عنها وأمسك كفها وقال:
-أنا عمري ما هسيبك …عمري ما هبعد عنك …هفضل طول عمري معاكي يا جواهر …هنعدي ده سوا …
هزت رأسها وهي تقول :
-عمري ما هقدر أتجاوز اللي حصل يا عدي …عمري مش هقدر أتجاوز اللي حصل ..
أنا مش هقدر يا عدي ..مش هقدر …
-هنقدر نعدي ده سوا …ساعديني يا جواهر عشان نعديه سوا …أنتِ اقوى من كده ..
هزت رأسها وقالت بإختناق :
-مبقتش قوية خلاص …صدقني يا عدي مش هقدر أتجاوز. .. اللي حصل ده كسـ رني …موت امي وحقيقة اني عشت كد بة كبيرة…شريف طلع ابويا الحقيقي …ده كـ سرني يا عدي …ليه بيحصل معايا انا كده …طول حياتي مرتحتش …عمري ما فرحت …امي هي الوحيدة اللي كانت بتفرحني وماما راحت …احيانا بتمنى ان ده يكون مجرد كابوس وحش وان لما اصحى هلاقيها قدامي …احيانا بضرب نفسي واغسل وشي يمكن افوق بس ده مبيحصلش يا عدي …أنا …أنا اتكـ .سرت ومفيش حاجة هتتصلح..
نظر إليها بحزن وهو يراها بتلك الحالة …حالتها تلك تقتله …تعذبه …
طفرت دموع جواهر أكثر وقالت:
-أنا بتمنى اني أمو ت …نفسي امو ت يا عدي …أنا مش هقدر أعيش….مش هقدر
هو لن يتركها بتلك الحالة …لن يجعلها تتعذ ب بتلك الطريقة …هو سوف يساعدها …سوف يفعل المستحيل كي يبرأ جر حها …سوف يصلح الضر
ر بقلبها …سوف يجعل أيامها أكثر سعادة …سيفعل المستحيل كي يسعدها
-خلينا نتجوز !!
قالها عدي بعنف عاطفي وهو يعانق وجهها …دموعها كانت تقتله…الألم الظاهر على وجهها كان يمزق قلبه…هزت رأسها وكادت ان ترفض الا انه وضع كفه على شفتيها وقال:
-لا هتتجوزيني والا هأخدك معايا المأذون بالغصب وأتجوزك.تحت تهد يد السلا ح .. أنا مجنون واعملها على فكرة يا جواهر …ممنوع ترفضي الجواز مني …
-ايه هتجبرني ؟!
قالتها وهي تضحك بينما الدموع تطفر من عينيها …مسح دموعها بحنان وقال وهو يقبل رأسها ويقول :
-أيوة هجبرك تتجوزيني …هجيب مسدس واحطه في راسك واخليكي تتجوزيني بالعافية …
ابتسمت وتألقت عينيها المغمورة بالدموع وقالت:
-تعرف يا عدي عبير قالتلي ايه ؟!
-قالتلك ايه ؟!
قالها وهو يربت على شعرها بكل حنان لترد هي وضحكة صغيرة تنفلت منها بينما دموعها ما زالت تنساب على وجهها :
-قالت اني اوافق علطول لو عرضت عليا الجواز …قالتلي أوافق قبل حتى ما أكمل الكلمة …
ضحكت مجددا بينما هو يمسح دموعها التي لا تتوقف عن الإنهمار وأكملت :
-قولتلها يعني كده مش هبان اني واقعة …قالتلي عادي عشان أنا واقعة فعلا ….
ضحك عدي وقال:
-أنا واقع اكتر منك …بس أنتِ مسموح ليكِ تتدلعي عليا براحتك أووي …لو عايزاني اترجاكي اكتر عشان تتجوزيني …أنا معنديش اي مانع …
هزت رأسها بالنفي وقالت:
-لا .
ولكنه كان بالفعل جثا إلى ركبتيه وأمسك كفها …
-عدي .بتعمل ايه ؟!
قالتها جواهر وهي تحاول سحبه لينهض إلا أنه قال:
-اصبري يا ست عشان اطلب ايديكي بطريقة رومانسية بدل ما تروحي تقولي لعيالنا بكرة أن ابوكم مش رومانسي وكروت عرض الجواز بتاعه …
ضحكت هي بعيني دامعة …أخرج عدي صندوق صغير مخملي من جيبه وفتح ليلمع خاتم ماسي أمام عينيها الذاهلتين …تنهد عدي وأغمض عينيه ثم بدأ التكلم وقال:
-جواهر أنا افتكرت اني عمري ما هحب مرة تانية ولا هثق في اي ست تاني …كنت خايف اسلم قلبي لأي واحدة وقولت أن لو واحدة حاولت معايا هصدها …بس.أنتِ كنتِ مختلفة ..أنتِ محاولتيش تأخدي قلبي …أنا اللي كنت ملهوف عشان اسلمك قلبي ..كنت ملهوف اني أحبك. وتحبيني…جواهر أنا بحبك ..بحبك رغم كل اللي حصل بيننا …بحبك اكتر من اي ست دخلت حياتي …بالنسبالي حياتي مفيهاش الا اتنين في قلبي …اتنين مستعد أموت عشانهم والاتنين دوول هما ليان وأنتِ …عشان كده ممكن تفرحي واحد مسكين زيي وتقبلي تتجوزيه …تقبلي تعيشي باقي ايام حياتك معايا …تقبلي تمسكي ايدي للأبد ونتجاوز اي لحظة صعبة سوا ؟! …ها تقبلي يا جواهر …
هزت رأسها عدة مرات وهي تبكي …ابتسم عدي براحة وهو يضع الخاتم في أصبعها ثم نهض وقبل رأسها قائلا:
-أنا هضبط كل حاجة عشان نتجوز …يناسبك أن نتجوز بعد اسبوع …
-لا يا عدي ماما لس…
قاطعها وهو يشد على كفها وقال:
-خلينا نكتب بس الكتاب وتبقي معايا وبعدها بسنة هعملك فرح كبير أووي …فرح كل الناس تتكلم عنه …بس يا جواهر أنا مش هسيبك لوحدك أبداً ..يالا قولي موافقة …
تنهدت وهي تقول :
-موافقة يا عدي …
ابتسم بسعادة وهو يقبل كفها ويقول :
-بحبك ..
-وأنا كمان
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في غرفة الفندق ….
كانت نسرين تجلس على الطاولة وهي تأكل …نظر فؤاد إلى الساعة ثم نظر إليها وهو يفكر بحيرة انها تأكل منذ أكثر من ساعة ونصف …ماذا بها ؟!
-ايه يا روحي احنا هنقضي ليلة الدخلة كلها بناكل ولا ايه ؟!مفيش حاجة نعملها غير الأكل ؟!
ارتبكت نسرين وهي تنظر إليه ….النية في عينيه واضحة تماما …شعرت باللون الاحمر يزحف إلى بشرتها وقالت بتلعثم:
-جرا ايه يا فؤاد انت بتعد عليا الأكل ولا ايه ؟!هو انا مينفعش اكل يعني براحتي ؟!
ابتسم فؤاد ونهض وهو يقترب منها قائلا:
-لا طبعا يا حبيبتي بالهنا والشفا ولو عايزة اجيبلك آكل تاني أنا معنديش اي مانع …
-وده العشم برضه بس أنت ليه بتقرب مني بالشكل ده …روح اقعد هنا لحد ما اخلص اكل !!
قالتها نسرين ليعبس فؤاد ولكنه لم يجادلها بل استدار وجلس على الفراش المقابل لها …ظل ينظر اليها مطولا وقد لاحظ أنها تتجنب النظر في عينيه….قال فجأة وهو يفهم الأمر :
-نسرين أنتِ مكسوفة مني معقول ؟!بتتكسفي ؟
بدا مصدوما وهو ينظر إليها فعبست وقالت بإنفعال:
-وليه متكسفش يعني. ..هو انا مش زي البنات اللي خدودهم بتحمر من الكسوف ولا ايه …أيوة أنا مكسوفة منك …خليني اخد عليك الاول وبعدين اعمل اللي انت عايزه
ضحك فؤاد ونهض مجددا متجها إليها لتقول بتلعثم :
-أن…أنت ليه بتقرب تاني ..ارجع ….
ولكنه قاطعها وهو يقول:
-بس يا هبلة ..بطلي عبط …
جلس بجوارها على المقعد وسحب كفها قائلا:
-أنتِ مكسوفة مني انا …أنا فؤاد ؟!
أطرقت برأسها ووجنتيها تحمران خجلا …ابتسم بذهول ثم قبلها على وجنتها ثم وجنتها الآخرى ..ثم اتجه إلى شفتيها لتدفعه فجأة وتنهض قائلة :
-انا رايحة اغسل ايدي …
ثم.ركضت نحو الحمام ليزفر فؤاد بضيق ويقول :
-يا مصبر الوحش على الجحش يا ربي اديني الصبر من عندك ….
….
بعد عشر دقائق كاملة خرجت نسرين من الحمام وهي تطرق برأسها أرضا …
-أخيرا طلعتي ..
قالها فؤاد بسعادة ثم اقترب منها …رفعت نسرين عينيها ونظرت إليه بصدمة
-أنت…أنت بتقرب مني ليه ؟!
قالتها نسرين بتوتر وهي ترى فؤاد يقترب منه …
ابتسم فؤاد في وجهها وقال:
-حبيبة قلبي الليلة ليلة دخلتنا ..فكري شوية أنا بقرب.منك ليه ؟؟اكيد مش عشان اتكلم على فوائد التوت البري مثلا …تعالي هنا ..
قال كلمته الأخيرة وهو يحاول امساكها الا انها صرخت وهي تركض بعيدا عنه وتصرخ …
-يا نسرين بس هتفضحينا هيقولوا بعمل فيكي ايه ؟!
-أسأل نفسك …انت ليه بتجري ورايا ؟!..براحة يا فؤاد عليا أنا بصراحة خايفة منك …
أشار إلى نفسه وقال:
-خايفة مني انا يا نسرين ؟!ليه هاكلك …
-أيوة بصراحة باين عليك انك هتعمل كده …اومال ليه بتجري ورايا بالشكل ده ….فؤاد أنا خايفة منك …ايه رايك تخلي الأمور تمشي براحة …
ابتسم لها وقال:
-طيب طيب تعالي بس وهنتفاهم …
-مش هتعمل اي حركات مجنونة ؟!
-لا مش هعمل حاجة وعد ..تعالي بقا ..
قالها وهو يشير لها لكي تأتي…هزت رأسها واقتربت منه وهي تضع كفها في كفه فجأة جذبها نحوه وهو يحملها ..
-أنت كدبت عليا اهو .
صرخت بها نسرين وهي تضربه على صدره وتحاول أن تتحرر من قبضتيه ليرد فؤاد وهو يضحك :
-في الحب والحرب كل شئ متاح يا مزة …
ثم اتجه بها إلى الفراش وأسقطها عليه…كادت أن تنهض إلا أنه امسك كفها وقال:
-لا لا خلاص مفيش هروب…
ثم ثبتها جيدا على الفراش وقال وهو ينظر إلى عينيها الزرقاء وقال:
-تعرفي أن عيونك بيدوبوني …
ابتلعت ريقها وقالت بصوت خافت :
-قولتلي قبل كده …
-نسرين أنتِ بتثقي فيا ؟!
سألها فجأة لتهز هي رأسها وتقول :
-اكتر من نفسي …أنا بثق فيك اكتر من اي حد …
ابتسم بسعادة وقال:
-يبقى خلاص متخافيش …أنا مش هأذيكي ولا عمري افكر اعمل كده ….أنتِ روحي يا نسرين…من النهاردة سعادتك هتبقى مسؤوليتي …اي حاجة تبسطك أنا هعملها حتى لو عايزة نأجل الليلة دي ونتعامل زي الإخوات أنا معنديش مشكلة …
وبالفعل كاد أن ينهض الا أنها أمسكت كفه …نظر إليها ليجد عينيها تتألقان كما تتألق عينيه…هي ترغبه كما هو يرغبها ….
لذلك لم يفكر لحظة وهو يقترب منها يضع شفتيه على شفتيها ويقبلها لكي يجعلها له …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في غرفة يحيى ..
كانت جالس في غرفته ينظر إلى الفراغ بشرود …أنه ينزلق أكثر واكثر في حبها …يشتاق إليها بجنون…ولولا وعده لها لكان ذهب إليها ليراها …أنه يريد أن يراها …روحه تهفو إليها …متى تملكته بتلك القوة حتى صار لا يقوى عن الابتعاد عنها …هذا السؤال الذي سأله لنفسه عدة مرات ولكن لم يجد له أي جواب ….
طُرق باب غرفته ليخرج من شروده ويقول :
-اتفضل …
دخلت والدة يحيى ليلى الى الغرفة ونظرت إليه قائلة :
-أنا رايحة انام يا حبيبي عايز حاجة ؟!
هز يحيى رأسه دون أن ينظر إليها وقال:
-لا يا ماما تصبحي على خير ….
تنهدت ليلى وهي ترى ابنها بتلك الحالة …منذ ايام وهو بهذا الوضع …حاولت أن تعرف ما به ولكنها لن تصل لأي إجابة….
أغلصت الباب وتقدمت نحوه ثم وضعت كفها على. كتفه وقالت:
-ممكن اعرف مالك يا بني …بقالك فترة مش مضبوط ..دايما ساكت وهادي …حتى بطلت تبتسم أو تكلمنا …ممكن تقولي مالك يا يحيى طمني عليك يا بني
ربت يحيى على كف والدته وقال:
-أنا كويس يا أمي متخافيش روحي ارتاحي أنتِ …
لم تسمع كلامه بل جذبت مقعد وجلست بجواره وهي تقول:
-لا يا يحيي ..متضحكش عليا انت مش كويس..مش كويس ابدا…قولي فيه ايه ؟! يا بني ريحني وقولي مالك ؟!
نهض يحيى وقال:
-عايزة تعرفي مالي يا ماما ماشي هقولك …أنا مش كويس يا أمي …مش قادر انساها ..مش قادر …مش قادر أخرجها من بالي ..
نظرت إليه والدته بحزن …كان يؤلمها حال ابنها ..ولكنها لا يمكن أن تقبل بتلك كنة لها …لا يمكن …كيف يفكر يحيى ….
-يا ابني شوف الفرق بينك وبينها مينفعش فين التوافق الاجتماعي والمادي ما بينكم …ليه مبتفكرش في الناس ممكن تقول ايه ؟!
-ناس..ناس…ناس …ما طز في الناس يا ماما هو انا هعيش على مزاجهم …بقولك أنا بتعذب تقولي ناس …الناس هينفعوني بإيه يعني …من الآخر ده قراري يا أمي أما رانيا او مش هتجوز غيرها أبدا!!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡

في منزل موسى …
كان يقف أمام النافذة في شقته السكنية …يضع كفه على قلبه وهو يشعر بالإنزعاج …لا يعرف لماذا يشعر بهذا الشعور اليوم …يشعر بالإختناق …بالخوف …والقلق ينهشه نهشاً….يشعر أن شئ ما سوف يحدث …شئ سئ للغاية ….
أغمض عينيه وقال:
-ربنا يستر …إن شاء الله ميكونش فيه حاجة …
-مالك يا قيصر …
قالتها مايا وهي تقترب منه وتقف امام النافذة …كانت محتارة من حالته …فهو يبدو مبعثر …
نظر موسى إلى مايا وقال:
-معرفش يا مايا قلبي مش مطمن …حاسس ان فيه حاجة وحشة اووي هتحصل …معرفش ليه حاسس الإحساس ده ….
ربتت مايا على كتفه وقالت:
-متقلقش يا قيصر مش هيحصل حاجة بإذن الله …أنت خايف على حبيبتك ؟
هز موسى رأسه وقال:
-أنا مبخافش الا عليها …معنديش مانع اموت بس هي ميحصلش ليها اي حاجة ..لو حصلها حاجة اللي هيحصلي هيبقى أبشع من الموت يا مايا ..
نظرت إليه مايا بشفقة وقالت:
-هانت يا قيصر قريب هينتهي صاموئيل ومش هتخاف عليها تاني …وهتفضل معاها للأبد …
ابتسم موسى بشرود وقال:
-ياريت …وقتها عمري …عمري ما هسيبها …ياريت الكابوس ده ينتهي يا مايا …أنا عمري ما جربت الخوف ده في حياتي …أنا حتى بطلت اراقب ليان خوفت يكون صاموئيل بيراقبني …
نظر إليها وقال؛
-أنتِ متأكدة أنه ميعرفش حاجة عن ليان يا مايا ؟!
-ايوة هو قال إنه عايز يراقبك ويعرف ايه نقاط ضعفك الحديدة وفعلا حصل بس معرفش عن ليان والا كان قاللي متقلقش …
نظر موسى إلى النافذة وهو يتنهد ويقول :
-اتمنى أنه ميكونش يعرف عنها حاجة. ..مش عايز كل اللي عملته يروح هدر!
……..
في مستودع مهجور
وضع أحد الرجال ليان الغارقة بدماءها على الأرض وقال لصاموئيل الذي كان جالس براحة على المقعد :
-نقتلها دلوقتي يا بوص …هي لسه بتتنفس …
-أصبر يا مؤيد ..الصبر حلو …انا عايز المرة دي اعمل حاجة مختلفة …عايز اجيب القيصر تحت رجلي واخليه يشوف حبيبته وهي بتموت …اهي الحاجة دي هتموته ميت مرة !!!
-هنجيبه ازاي يا بوص …
-أنا عارف هجيبه.ازاي …
قالها صاموئيل مبتسماً ثم أخرج هاتفه وصور ليان صورة واضحة وبحث عن رقم موسى الذي حصل عليه ثم بعث بتلك الرسالة على تطبيق الواتس آب…
………
عند.موسى ….
صوت رسالة قادمة على هاتفه جذب انتباهه …اتجه إلى هاتفه الذي على الطاولة وأمسكه ليرى من بعث له تلك الرسالة …عبس بحيرة وهو يجد ان رقم غريب بعث له رسالة على الواتس آب …فتح الرسالة ليشحب وجهه كالأموات وتهتز.كفه فيسقط الهاتف من يده ….
نظرت إليه مايا بحيرة واقتربت منه وهي تقول :
-موسى فيه ايه ؟!
ولكنها لم تحصل على رد بل وجدت دموعه تنفجر من عينيه وهو يرتعش بقوة …أمسكت الهاتف لترى ماذا به …
كتمت صرختها في الوقت المناسب وهي ترى تلك الرسالة :
-دي …دي ليان …
هز موسى رأسه وهو يبكي ويقول :
-هي كمان ماتت…ماتت…ماتت ..أنا السبب أنا السبب …
أخذ يصرخ وهو يضرب نفسه :
-انا السبب أنا السبب …
-قيصر ..اهدى ابوس ايديك …
قالتها مايا وهي تحاول امساك كفه والسيطرة عليه ولكنه كان يبدو منهار للغاية …كان صعب السيطرة عليه ….
رن هاتفه فجأة لتقول مايا بسرعة:
-ده هو …هو الرقم اللي بعتلك الرسالة …
خطف موسى منها الهاتف وفتحه ثم صرخ وهو يبكي :
-هقتلك …هقتلك يا صاموئيل !!!
ضحكته البغيضة تسللت لأذن موسى وقال :
-لا لا يا قيصر دي مش طريقة تكلم بيها صاحبك القديم وخصوصا اننا دلوقتي معانا حبيبتك وكل حياتك …ولا عايزني اقتـ لها…
-ليان عايشة ؟!
قالها موسى بلهفة ليسمع رد صاموئيل بهدوء …قال آخيرا بعد لحظات :
-أنا جايلك قولي العنوان…
بعد أن أغلق الهاتف قالت مايا :
-جه الوقت ننفذ اللي اتفقنا عليه …روح وانا هتصرف …
هز موسى رأسه وهو يخرج من منزله بسرعة …
….
بعد ساعة ونصف ..
كانت قد وصل اخيرا إلى المستودع المهجور ثم خرج من السيارة وهو يلهث ويصرخ قائلاً:
-صاموئيل أنت فين ؟!
-امشي قدامي ..
قالها صوت خشن من خلفه وهو يضع السلاح على رأسه ثم أكمل :
-البوص مستنيك جوا يا قيصر ….
-مؤيد ..
قالها موسى ليرد مؤيد مبتسماً :
-كويس انك فاكر صحابك اللي خنتـ هم يا قيصر …يالا قدامي …
لم.يجادله موسى أكثر من هذا وسار بهدوء…
….
ولج إلى المستودع ونظر إلى ليان الملقاه على الأرض كاد أن يركض نحوها إلا أن صاموئيل ضرب رصاصة في الهواء وقال :
-متحاولش يا قيصر لاني والله الرصاصة التانية هتكون في راس حبيبتك …
ابتلع موسى ريقه وهو ينظر إلى صاموئيل الذي بدا أكبر بكثير منذ آخر مرة رآه فيها …
اقترب صاموئيل وقال :
-ياااه يا موسى …اتمنيت كتير اني أشوف اللي أتجرأ وقـ تل ابني عشان احر ق قلبه كمان …
-صاموئيل هي …هي ملهاش دعوة …ابوس ايديك اقتـ لني أنا ….
أشار صاموئيل لمؤيد ليقترب مؤيد بسرعة من ليان ويضع السلاح على رأسها …
-لا لا يا مؤيد …
صرخ موسى وهو يقترب إلا أن صاموئيل ضرب رصاصة مرة آخرى وقال:
-مكانك يا قيصر …
نظر موسى إليه وقال:
-انا قدامك اهو اقتـ لني….اقتـ لني !!!.
-تؤ..مش عايز اقتـ ل غيرها ….
-يا صاموئيل ابوس ايديك هعمل اللي انت عايزه بس سيبها …ابوس ايديك سيبها
أركع على رجليك يالا !!
قالها صاموئيل وابتسامة نصر تزين وجهه …
انفجرت الدموع من عيني موسى ونظر الى ليان التي السلاح مصوب على رأسها …لم يفكر مرتين وهو يجثو على ركبتيه ويقول :
-أبوس ايديك اقتـ لني أنا …اقتـ لني أنا …هي لا …..
ضحك صاموئيل وقال:
-ياااه مش متخيل فرحان قد ايه وانا شايفك مذلول كده …بس لا يا قيصر أنا دلوقتي هحرق قلبك اكتر واقتلها قدامك وافتكر أنها ماتت بسببك زي روان وعيش في جحيم الذنب يا قيصر …
-مؤيد يالا …
-لااااا ..
صرخ بها موسى وهو ينهض فجأة وينجح في أخذ السلاح من صاموئيل ويجذبه وهو يضع السلاح برأسه ويصرخ بمؤيد :
-والله هقتله…ابعد عنها يا مؤيد …ابعد …هقتله!!!
-خلاص ..خلاص …هبعد عنها
قالها مؤيد وهو يشير بعينيه لباقي الرجال لكي يمسكوه إلا أن موسى صرخ وقال :
-الحركات دي أنا عارفها يا مؤيد …لو حسيت بأي حركة منكم هقتـ لكم البوص بتاعكم …
قاطع.كلام.موسى صوت قدوم سيارات الشرطة …ابتسم موسى وقال:
-وأهو مشهد النهاية اتكتب…نهايتك اتكتبت يا صاموئيل …
وبالفعل اقتحم رجال الشرطة المكان وتتبعهم مايا وهي تبتسم لصاموئيل بإنتصار ….
….
بعد قليل
تم القبض على صاموئيل ورجاله وهذا بفضل الأدلة التي جمعتها مايا ضدهم ….
وتم أحضار عربة إسعاف لإنقاذ ليان التي ما زالت فاقدة للوعي …

في سيارة الإسعاف ..
كان موسى يمسك كف ليان ودموعه تسير على وجنتيه ويقول :
-حقك عليا…حقك عليا أنا يا ليان ..محدش هيأذيكي بعد النهاردة …محدش هيلمس منك شعرة تاني…وانا عمري عمري ما هبعد عنك يا حبيبتي بس ابوس ايديكي خليكي معايا. ..خليكي معايا …
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡

-المهم جواهر دلوقتي كويسة ؟!
قالها أمير وهو ينظر إلى عبير التي تمشط شعرها أمام المرآة فترد هي :
-أيوة اتحسنت …حتى من شوية قبل ما نيجي هنا اتصلت وأصرت اني ابقى معاك النهاردة وبكرة اروحلها …قالت إنها هتقولي على خبر حلو …كان باين من صوتها أنها مبسوطة اووي …
ابتسم أمير وقال:
-كويس ربنا يسعدها ويجبر بخاطرها…
تنهدت عبير وقالت:
-يسمع من بوقك ربنا يا أمير …ربنا يسعدها يارب. ..جواهر أطيب بنت شوفتها في حياتي وتستاهل السعادة …
تركت المشط ثم اتجهت إلى أمير وجلست على الفراش وهي تقول بشرود :
-تعرف على قد أن اللي عرفته صعب بس انا فرحانة اووي أن جواهر طلعت اختي …دايما كنت بحس ان في رابط بيننا …دايما لما اكون في مشكلة هي اللي بتساعدني من غير ما تفكر مرتين حتى …لما بابا كان عايز يجوزني لعدي بالعافية مفكرتش مرتين وهي بتساعدني على الهروب رغم أنها عارفة أنها هتقع في مشكلة مع بابا بس مهمهاش …حتى لما بابا ورطها وخلاها تتجوز عدي مفكرتش تقول على مكاني بعد ما عرفته …دايما جواهر كانت حاسة اني مسؤوليتها…شكل في عقلها الباطن كانت عارفة اني اختها …
تسطحت على الفراش وتنهدت قائلة:
-حاسة أن بقالي عيلة جديدة…عيلة تعوضني عن اللي شوفته من بابا …
نظرت إليه وابتسمت بينما تظهر نواجزها الساحرة وقالت وهي تتلمس وجنته :
-بقى معايا زوج زي القمر …حنين وطيب وبيحبني …راجل مثالي من الآخر …
ابتسم أمير وهو. يقبل كفها لتكمل هي:
-وبقا معايا اخت زي تحية بتحبني وتقدرني وجواهر كمان …أنا دلوقتي في قمة سعادتي يا أمير بجد …حاسة اني طايرة من كتر السعادة …
-حبيبتي ربنا يسعدك دايما يارب …
قالها أمير وهو يضمها إليه بقوة ويقبل رأسها ويكمل :
_أنتِ اجمل هدية في حياتي …احيانا مبقدرش اصدق اني اتجوزتك …
تألقت عيني عبير وقالت :
-ولا أنا بصراحة …
صمتا.قليلا ليتنهد أمير بعمق ..
-ايه فيه ايه ؟!
سألته عبير
-أنا حاسس اني وشي فقري عليكي ..
قالها أمير بتعب لتعبس عبير وتقول:
-ليه بتقول كده ؟!
هز كتفه وقال ؛
-من أول ما اتجوزتك وانتِ المصايب بترف على رأسك زي الرز ..
ضحكت عبير بقوة وضربته على كتفه وقالت:
-بطل بواخة ايه وشك فقر دي …
امسك كفها وقال:
-يا بنتي افتكري احنا ليلة دخلتنا.بيت تحية ولع وجات عندنا …أنا واحد فقري امي الله يرحمها، كانت بتقول عليا كده…
انطلقت ضحكات عبير أكثر وهي تمسك وجهه وتقبله قائلة :
-أنت اجمل انسان شوفته في حياتي … متقولش على نفسك كده …
ثم اقتربت ثانية وهي تقبله مرارا على وجنته …
ضحك أمير وهو يضمها …اتجهت يديه بخبث إلى بطنها وبدأ يدغدغها …
صرخت عبير فجأة وهي تدفعه وتقول:
-لا لا يا أمير بطل بواخة بقا …
وكادت أن تهرب الا أن أمير امسكها وثبتها على الفراش بيد واليد الآخر استخدمها لكي يدغدغها …
-يا أمير لا …لا يا أمير بغير خلي عندك دم
قالتها عبير وهي تضحك وتصرخ في آن واحد ولكنه لم يرحمها ابدا وهو مستمر في فعلته …
طفرت الدموع من عينيها بسبب أفراطها في الضحك وقالت:
-خلاص عشان خاطري يا أمير هموت …خلاص عشان خاطري.لو بتحبني .. …
توقف فجأة وقال:
-بحبك طبعا ..
ابتسمت بهيام وقالت:
-وانا كمان ..
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم السابق …
جلست جوري أمام القبر وقالت ودموعها تتساقط :
-انا لقيتك يا بابا …جيت ولقيتك ..
كانت تضحك بطريقة غريبة …دموعها تنهمر تباعا وتقول :
-أنت اذيتني كتير بس انا جيتلك…..جيتلك رغم انك اذتني كتير …ليه كنت بتعمل فيا كده ؟!أنا بسبب طلعت إنسانة وحشة …امي بتقول اني مجنونة…بتقول اني مش متزنة نفسيا يا بابا ..حتي ياسين سابني …حتى ياسين بيقول اني مش متزنة نفسيا …هو طلقني وسابني وراح اتجوز…اتجوز واحدة غيري وحرق قلبي …ومهما اعمل رافض يرجعني…أنا عملت سحر عشان يرجعلي برضه مرجعش يا بابا …مرجعش …أنا زعلانة اووي …أنا خسرت كل حاجة …كل حاجة خسرتها يا بابا …ياسين وبنتي ..حتى نفسي خسرتها …
انفجرت الدموع من عينيها وقالت :
-تعرف أنا ضربت ماما وشكلها ماتت …ماما اكيد سابتني ومشيت وانا دلوقتي لوحدي مليش اي حد …مليش حد …وده كل بسببك … بسببك…
ثم أخذت تضرب على الأرض وتصرخ :
-أنت السبب في ده كله …انت السبب …انت اللي خلتني إنسانة مش متزنة نفسيا …أمي كانت كل شوية بتقول اني شبهك …بتقول اني مجنونة زيك …وانا تعبت …أنا ذنبي ايه اتحمل ده كله …قولي ذنبي ايه ؟!!
انفجرت الدموع من عينيها غزيرا وهي تشعر بألم كبير في قلبها وقالت:
-ليه عملت كده فيا …ليه دمرت حياتي يا بابا …ليه ؟!..أنا كان نفسي اعيش كويس …كان نفسي ياسين يكون معايا …بس انت كنت واقف في طريقي ..كنت بأذي بنتي بنفس الطريقة اللي أنت كنت بتأذيني بيها …كنت بحرقها …
ضحكت ودموعها تنهمر أكثر واكملت :
-أيوة …أيوة كنت بحرقها بالنار يا بابا …فاكر انت برضه كنت بتعمل فيا كده …كنت بتحرقني بالنار …فاكر على أقل غلطة كنت بعملها كنت بتحرقني بالنار….وكنت بتضربني وبتحبسني …فاكر لما حبستني في الاوضة الضلمة …انت كنت عارف اني بخاف من الفيران بس دخلت فيها فأر …كنت بتسمعني بصرخ ومحاولتش تساعدني …سيبتني كده ……قلبك طاوعك انك تسيبني تصرخ …أنا بكرهك …وبكره امي وبكره ياسين …سمعتني يا بابا …بكرهك …بكرهك …وبتمنى انك تكون بتتعذب دلوقتي انت وماما …أنا برضه قتلتها …هي حصلتك …بتمنى انتوا الاتنين تتحرقوا في نار جهنم .!!
ابتلعت ريقها وهي تخرج السكين التي معها وقالت :
-خلاص دي النهاية المناسبة لعيلة توكسيك زينا …انت موت وماما ماتت وفاضل أنا أموت …نهاية سعيدة …هنجتمع سوا أخيرا …صح.؟!
ثم دون أي تردد مررت السكين على رسغها حتى انفجرت الدماء منه ملطخة القبر …استلقت بجوار القبر وهو تنزف بقوة …تشعر أن قواها تغور ..ابتسمت بوهن وقالت :
-تعرف رغم انك اذيتني كتير الا اني حبيتك يا بابا …أنا حبيتك حتى اكتر من أمي …وانهارت يوم وفاتك ..احيانا بسأل نفسي ليه زعلت عليك وليه بحبك رغم كل اللي عملته فيا بس صدقني مش لاقية أي إجابة !!
أغمضت عينيها وهي تلفظ أنفاسها الأخيرة !!!
………
في الوقت الحالي ….
في المشفى ….
فتحت عفاف عينيها لتجد ياسين بجوارها …كان يبدو عليه التعب ….
-ياسين …
قالتها عفاف بتعب لينتبه لها ياسين ويمسك كفها ويقول بلهفة :
-انتِ كويسة …
هزت رأسها وقالت بتعب :
-ايه اللي حصل مخي مش مجمع …
ابتلع ياسين ريقه …الطبيب بالفعل اخبره عن هذا ..أخبره أن السيدة عفاف قد تتشوش ذكرياتها بسبب ارتجاج في الدماغ تسببت به ضربة جوري ….
وجد ياسين نفسه عاجز عن الشرح ونظر إلى عفاف بيأس فقالت عفاف:
-ياسين قولي حصل ايه ؟!وفين جوري….آه ..
فجأة تأوهت وهي تضع كفها على رأسها والصور تندفع إلى عقلها بشكل مؤلم …أنها تتذكر …نعم تتذكر !!..تتذكر كل شئ…جوري…لقد ضربتها ابنتها ….
-ياسين جوري ضربتني هي اللي …
-عارف ..عارف …
قالها ياسين بتعب وقد ارتاح قليلا لأنها تذكرت بنفسها ….
-ازاي عرفت ؟!
سألته بفضول ليسرد عليها ما حدث بكل تفاصيل …كما أخبرها أنها نائمة منذ أمس بالمشفى ولم تستيقظ حتى الآن ….
-طيب هي فين يا ياسين …فين جوري ؟!
-هربت ..
قالها بيأس وهو يفرك عنقه ثم اكمل؛
-بعد ما روحت عشان اشوف فيكي ايه واتصدمت باللي بنتك عملته انشغلت معاكي واتصلت بالإسعاف كان وقتها هي هربت ..
وضعت هي كفها على رأسها والدم ع تطفر من عينيها وقالت:
-جوري بقت خطر على نفسها وعلى اللي حواليها يا ياسين …ساعدني قولي اعمل ايه ؟!
زفر ياسين بضيق وهو ينظر إليها وقال بإنفعال :
-انا قولتلك قبل كده تعملي ايه صح ولا لا …نبهت عليكي تاخديها لدكتور نفسي لأن بنتك مش سليمة نفسياً….قولتلك قربي منها …بس يا مدام أنتِ مسمعتيش كلامي و ..
صمت ياسين فجأة وهو يتذكر الوضع الذي هي به …ليس وقت اللوم الآن ..نظر إلى عفاف ليجد الدموع تطفر من عينيها والذنب يطل منهما …
-أنا اسف ده مش وقته …
تنهد.واكمل ؛
-بس متقلقيش هيلاقوا جوري بإذن الله البوليس بيدور عليها ولما يلاقيها هنتصرف أنا مش هسيبك لوحدك
ابتسمت عفاف بإطمئنان وقالت:
-شكرا …شكرا اووي يا ياسين …
هز رأسه وقال:
-ارتاحي دلوقتي هجيبلي قهوة واجيلك تاني …
هزت رأسها وقالت:
-لا لا خلاص كتر خيرك على كده روح بيتك شكلك تعبان وانا …
-لا مستحيل مش هروح واسيبك…خلاص أنا هجيب قهوة وهفضل هنا انتهى الكلام و
وبالفعل خرج من الغرفة ليجلب قهوة له …توقف فجأة وهو يرى ورد تقترب منه ثم تعانقه بقوة …
أبعدها قليلا وقال:
-ايه اللي جابك هنا ؟!أنا اتصلت بأمي عشان تروحلك يا ورد….ليه تتعبي نفسك وتيجي …الدكتور منبه و…
-بس بس اهدى شوية !!
قالتها ورد وهي تضع كفها على شفتيه ثم تكمل بإبتسامة :
-يا حبيبي أنا والله كويسة متبقاش أوفر لو سمحت …المهم قولي دلوقتي ايه اللي حصل …أنا قلقت …فين جوري …
هز ياسين رأسه وقال:
-للأسف معرفش هربت مني ومدام عفاف بس اللي موجودة جوا …
فركت ورد كفيها وقالت:
-طيب ايه …هي كويسة دلوقتي ؟!
-أيوة كويسة ..جالها ارتجاج بسيط في المخ بس الدكاترة قالوا مفيش اي خطر بس هي هتفضل تحت الملاحظة يومين وانا لازم افضل معاها …
ابتسم ورد وهي تمسك كفه وتقول :
-اكيد يا حبيبي لازم تفضل معاها …ربنا يصبرها ويقويها …بجد صعبان عليا اووي….حتى جوري صعبانة عليا …
نظر ياسين عليها ببرود وقال:
-ميصعبش عليكي غالي يا اختي …
ضربته جوري على كتفه وقالت:
-يا اخي بطل قسوتك دي …جوري واضح انها غير متزنة نفسيا …
-ورد أنا بطلت أشفق عليها بسبب اللي عملته أنا مستحيل انسى انك كنتِ هتضيعي مني بسببها هي …
شدت على كفه وقالت:
-بس أنا دلوقتي كويسة الحمدلله يبقى مفيش داعي للقلق والخوف ده يا حبيبي …ولا فيه داعي انك تحقد على جوري المسكينة برضة بتعاني وانت لازم تساعدها دي أم بنتك مهما كانت.
زفر ياسين بضيق وقال:
-ما هو ده من سوء حظي أنها ام بنتي…من سوء حظي والله …
قاطع كلامه رنين الهاتف ..رد سريعا عندما رأى أن المحقق هو من يتصل به …
-أيوة يا فندم
قالها ياسين بلهفة متمنيا الحصول على بعض معلومات عن جوري..
فجأة شحب وجه ياسين وقال:
-بتقول ايه ؟!!!
توقف قليلا وهو يسمعه فرد بتعب :
-حاضر ..حاضر يا فندم ..
ثم أغلق الهاتف لتقول ورد:
-فيه ايه يا ياسين قلقتني ؟!
-ما تت …جوري ما تت!!!
قالها ياسين بصدمة لتضع ورد كفها على فاها.بصدمة…
يتبع

الفصل الأخير الجزء الثاني (الحب هو أنت )
أنتِ لي …بالأمس واليوم وغداً وإلي الأبد …إن كنت سأطلق على الحب أسماً آخر سيكون أسمك ♡
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم:
(إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له”) رواه مسلم.
كان الشيخ يردد الحديث بينما يتم دفن جوري استخدم ياسين معارفه لإنهاء إجراءات الدفن سريعا بعد أن تم إثبات أن سبب الموت هو الإنتحار …
كانت عيني ياسين الخضراء مشبعة بالدموع صحيح جوري اذتهم كثيرا ولكنه ابدا لم يتمنى لها تلك النهاية …مهما كانت هي أم ابنته ..
تم دفن جوري وبدأ الشيخ يقرأ القرآن …
بعد عدة دقائق ذهب الجميع وبقا هو واقف أمام قبرها وهو يجفف دموعه …قرأ لها الفاتحة …ثم قال:
-ربنا يرحمك ويسامحك يا جوري …ربنا يسامحك …أنا هقول لأمك ايه دلوقتي …هقولها ايه ؟!أنا مقولتلهاش الحقيقة …مقولتلهاش أن بنتها ماتت …مش عارف هجيبهالها ازاي …مش عارف ازاي هقولها…دماغي بتودي وتجيب ومش لاقي اي بداية مناسبة عشان اقدر اقولها الخبر …
دعك عينيه بتعب ليرن هاتفه فجأة …أخرج هو هاتفه ليجد زوجته تتصل به …فتح الهاتف ورد عليها …
-أيوة يا ورد …
-أيوة يا حبيبي طمني دفنتوها ؟!
قالتها ورد بهمس وهي تبتعد عن حماتها وياسمين التي لم تعرف حتى الآن أن والدتها قد ماتت …
هز ياسين رأسه وقال:
-أيوة يا حبيبتي دفناها.الحمدلله …الله يرحمها …
-مامتها عرفت يا ياسين ؟!
أغمض ياسين عينيه بتعب وقال:
-للأسف لسه يا جوري…مقدرتش اقولها …مقدرتش للأسف ….
-لازم تقولها يا حبيبي .
قالتها ورد بحزن على الحالة التي وصلت إليها جوري …على الرغم انها اذتها كثيرا ولكن موتها بتلك الطريقة أحدث شرخ في قلبها …
مسحت الدموع التي انسابت من عينيها وقالت بإختناق:
-حبيبي لازم تقولها …لازم …
تنهد ياسين وقال:
-حاضر يا ورد هقولها وربنا يستر …اديني أمي أكلمها لو سمحتي …
هزت رأسها وقالت:
-حاضر يا ياسين …
ثم اتجهت لحماتها وهي تشير إليها لكي تكلم ياسين …هزت حماتها رأسها وهي تقترب منها وتمسك الهاتف وتبتعد كي لا تسمع ياسمين شئ بينما اتجهت ورد وهي ترسم ابتسامة على شفتيها إلى ياسمين وجلست لتلعب معها …
……
-أيوة يا حبيبي .
قالتها والدة ياسين ليرد ياسين :
-ازيك يا ماما ..
-ازيك يا حبيبي …طمني عليك يا ياسين …انت منومتش من يومين يا حبيبي …أكلت ..
ابتسم ياسين وقال:
-أمي متقلقيش عليا أنا كويس اووي المهم اسمعيني أنتِ …خلي بالك من ورد لحد ما أرجع يا امي خليها ترتاح بالله عليكي …
ابتسمت والدته وقالت:
-حاضر يا بني متقلقش ..خلي بالك من نفسك …
-بإذن الله خير ..
ثم أغلق الهاتف متجها إلى المشفى حيث تقبع السيدة عفاف ….
……
في المشفى …..
وأمام غرفتها كان متردد …لا يريد الدخول ويخبرها بما قد يقتلها …أغمض عينيه بقوة وهو يتمنى أن ينتهي هذا بسرعة …يتمنى أن يخبرها وينتهي ….تنهد ياسين وقرر الدخول …
كانت عفاف جالسة على فراشها بالمشفى تبدو أنها تحسنت قليلا ..ما أن رأته حتى ابتسمت بلفهة وقالت :
-ياسين ابني لقيت اي خبر عن جوري …طمني يا ابني قلبي واكلني عليها …متخلهومش يحبسوها يا ياسين أنا مسامحاها بس ارجوك بلاش تخليهم يحبسوها عشان خاطري …
ابتلع ياسين ريقه وهو ينظر إليها وعادت الدموع لتتجمع في عينيه …أمسك كفها وقال:
-أنتِ مؤمنة بالله يا ست عفاف صح ؟!
هزت عفاف رأسها بحيرة ليكمل بينما الدموع تطفر عينيه:
-وعارفة أننا لازم نتقبل قدره مهما كان …
هنا شعرت بالرعب يحتل عقلها وقالت بنبرة مرتعشة :
-ياسين …ياسين فيه ايه …انت بتقول ايه ؟!
-البقاء لله يا ست عفاف جوري ماتت!!!
-لاااااااا
صراخها رج غرفة المشفى
…..

بعد أسبوعان …..
كانت جالسة على الفراش الصغير بالمشفى تنتظر أخاها ليأتي كي يأخذها الى المنزل ..تتذكر ما حدث الايام السابقة ….لقد كادت أن تموت ومات بالفعل السائق الخاص بها بسببها هي …تمزق قلبها من الألم …لم تكن تريد ابدا ان يموت أحداً بسببها ….حاول عدي كثيرا أن يخبرها أن هذا ليس ذنبها ولكنها رفضت تصديقه …كانت تحمل نفسها الذنب …تمنت أن تموت ولكن للأسف تم إنقاذها …صحيح ستواجه صعوبة لفترة في السير على قدمها المصابة ويدها ستكون مجبرة لفترة …وجهها الجميل أصبح مكدوم قليلا ولكن الطبيب طمأنها ان الأثر سوف يزول بسرعة …أغمضت عينيها بتعب وهي تصل لنتيجة أن مجددا موسى قد أنقذها وقد حكى لشقيقها كل الحقيقة…ولكن هذا لن يغير اي شئ أبداً ….لن تسامحه عما فعله …
أخرجها من شرودها طرقة خافتة على الباب …
-اكيد ده عد..
باقي الكلمات تجمدت على لسانها وهي تراه أمامها …بهيئته المهلكة المعتادة …نظراته التي كانت باردة اخر مرة رأته بها الآن تحترق بالعشق … ابتسامة متوترة تزين شفتيه …كان خائف …خائف أن يتم رفضه…تبدلت الأدوار الآن نظراتها هي من كانت باردة وهي تنظر إليه من أسفل لأعلى وقالت:
-خير عايز ايه ؟!
-ليان أنا …
-اطلع برا أنا مش عايزة اشوفك …يالا امشي …
-ليان تتجوزيني ؟!
قالها فجأة وهو يحبس أنفاسه …أدرك بغباء أن عرضه الآن غير مناسب أبدا ….
صوبت نظراتها الباردة إليه :
-عرضك مرفوض ..
-أنتِ بقيتي عارفة دلوقتي أنا عملت كده ليه يا ليان ..
قالها موسى وهو يقترب منها …عينيه تفيض منهما العشق…كل ما يرغب به هو أن يصل إليها بسرعة ويضمها بقوة بين ذراعيه ولكن نبرتها الباردة جمدته تماماً:
-ايوة عرفت عشان تحميني …وانا مفروض أعمل ايه دلوقتي ؟!
-ليان !!!
قالها بصدمة ثم أكمل:
-أنا كنت خايف عليكي …كنت خايف صاموئيل يأذيكي عشان كده عملت اللي عملته…
ضحكت ليان بسخرية وقال:
-أنت عارف يا موسى ايه مشكلتك بالضبط؟!انك بتعاملني كأني فاقدة الأهلية …تعمل فيا اللي انت عايزة من غير ما تفكر تسألني او تأخد رأيي…شايف خطر عليا يبقى خلاص تبعد وتكسر قلبي …واهو قلبها اتكسر بس مش مهم هي عايشة ومفروض تشكرني على اللي عملته ولما يخلص الخطر تقرب تاني وعايزنا نرجع ….انت فاكرني ايه بالضبط ؟!هو أنا لعبة في إيديك….لا يا موسى المرة دي القرار قراري أنا مش قرارك وانا أهو بقولك عرض زواجك مرفوض وانا مش هرجعلك أبدا!!!!
اقترب اكثر منها فحاولت الابتعاد إلا أنه امسك ذراعها بلطف وقال؛
-ليان أنا كنت خايف عليكي …انا كنت بتعذب اكتر منك …كنت بموت وانتِ بعيدة عني ..كنت مرعوب عليكي و …
-كل ده ميهمنيش …خلاص اللي بيننا انتهى يا موسى …
ثم دفعت ذراعه وقالت:
-لو سمحت امشي من هنا أنا صدعت ومش عايزة اسمع ….
ثم كادت أن تتجاوزه الا ان ساقها خانتها وكادت أن تسقط إلا أنه امسكها بسرعة ثم حملها بين ذراعيه …أغمضت عينيها والدموع تتسرب بغزارة من بين عينيها المغلقة وقالت وصوتها يخرج في هيئة شهقات متقطعة :
-لو ….لو سمحت امشي …امشي … ابعد عني …كفاية اللي عملته فيا …
اتجه ووضعها على الفراش ثم جثا على ركبتيه وهو يمسك كفها ويقول بينما الدموع تحتشد بعينيه :
-أنا بحبك …
هزت رأسها وهي ما زالت مغمضة عينيه وقالت:
-معتقدش انك بتحبني …اللي بيحب مبيجرحش يا موسى ….
قبل كفها وقال بصوت أجش:
-هرجعك …هعرف ازاي أرجعك …
ثم نهض وهو يقبل رأسها وذهب …تاركا إياها تنفجر من البكاء …
…..
خرج موسى من غرفتها بالمشفى وهو يترنح من الألم …
-موسى !!
صوت عدي انتشله من تفكيره ونظر إليه …مسح دموعه بسرعة وقال:
-ازيك يا عدي …جيت اشوف ليان ..بس الظاهر لسه زعلانة …
ابتسم عدي له بحزن وقال :
-هتنسى متقلقش ….لما غضبها يهدى شوية هتفكر انك عملت المستحيل عشان تنقذها وهتقدر …
ابتسم موسى له فاقترب عدي وضمه بقوة إليه وقال :
-هتسامح يا موسى متقلقش …هتسامحك !

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في احدى المناطق الراقية نوعا ما….
-انا مش مصدقة أن عمك المخفي كان عايش في العز ده من فلوسنا اللي لهفها مننا …اخد البيت اللي ابوكي عملوا لينا عشان نعيش عيشة كويسة وخلانا نحتاج للي يسوى واللي ميسواش …
قالتها رابحة وهي تجلس على الأريكة الفاخرة براحة شديدة …ابتسمت رانيا وهي تضع الطعام على الطاولة وتقول :
-خلاص يا أما اخد اللي يستحقه ربنا يصلح حاله خلينا منفكرش فيه …يالا عشان نفكر هنعمل ايه بالمبلغ اللي حطينه في البنك …
اتجهت رانيا الى رابحة وحركة المقعد المتحرك الخاص بها حتى وضعته أمام طاولة الطعام ثم بدأت تأكل … حياتهما تغيرت كثيرا …فبعد أن أعاد لهما اخ زوجها ورث زوجها الراحل والذي كان كبير وايضا أعطاها المنزل الذي بناه زوجها بعرق جبينه …كل تلك الأشياء غيرت حياتهما للأحسن ….الآن هي لا تحتاج لاي أحد الا الله ..
لا هي ولا ابنتها …
-انا بقول يا رانيا يا بتي كفاية شغل وتعب بقا …الحمدلله احنا دلوقتي معانا فلوس ونقدر نصرف براحتنا …
هزت رانيا رأسها وقالت :
-لا يا أما …أنا عايزة اشتغل عشان يبقالي خبرة واتعلم …بس كمان عايزة اعمل مشروع بالفلوس دي…مشروع يسندنا …
-مشروع ايه يا رانيا ؟!
هزت رانيا رأسها وهي تأكل وقالت:
-انا لحد دلوقتي فيه كذا مشروع في بالي هفكر وأشوف ايه الاحسن ونعمله ايه رايك ؟!
-أنتِ ادرى يا بتي….يالا كلى عشان تلحقي شغلك ..
هزت رانيا وبدأت تأكل …فجأة رن جرس المنزل …عبست رانيا وهي تنظر لوالدتها من يمكن أن يكون على الباب …
نهضت رانيا لتفتح الباب …وقفت متجمدة وهي تنظر الى اخر شخص توقعت وجوده أمام منزلها …
-ليلى هانم ؟!
قالتها رانيا ببهوت ..رفعت ليلى رأسها وقالت:
-ممكن أدخل …
هزت رانيا رأسها وافسحت لها الطريق…
-روحت حارتكم القديمة وملقتكيش لحد ما جارتك ادتني العنوان مبروك البيت الجديد. …
-الله يبارك في حضرتك ..
قالتها رانيا بتوتر وهي تنظر الى والدتها ثم أكملت :
-اتفضلي يا هانم الآكل جاهز …
تنهدت ليلى واتجهت إلى الطاولة وجلست عليها..
أسرعت رانيا واحضرت لها طبق ثم وضعت به الطعام….
بدأت ليلى تأكل بهدوء بينما رانيا كانت مصدومة من تصرف ليلى معها …لقد اعتقدت أنها سترفض أن تأكل معهما أو تظهر نفورها ولكن هذا لم يحدث للدهشة …
نظرت ليلى الى والدة رانيا وقالت:
-أنا جاية اطلب ايد بنتك رانيا ليحيى ابني …بطلب منك كأم انك تديني بنتك ….
اتسعت عيني رانيا بصدمة لتكمل ليلى وهي تنظر إليها :
-ابني مش سعيد …أنا حاسة بيه …يحيى مطفي…يحيى عمره ما كان باليأس ده …وانا مش هستحمل اشوف ابني بالشكل ده …أنا اهم حاجة عندي سعادته …وسعادته معاكي يا رانيا …ممكن توافقي عليه ؟!
♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
في اليوم التالي ….
في المساء ….
وقفت أمام المرآة وهي تتنهد بعمق بينما تنظر إلى نفسها …فستانها الكريمي الطويل كان يلتصق بجسدها …شعرها الأسود الطويل كان يرتاح على كتفها …احمر الشفاه القاني كان يليق على بشرتها البيضاء …ابتسمت لتظهر نواجزها الرائعة …
الليلة هي ليلة عقد قرانها على عدي ….عدي الذي لم يدعها ابدا الايام السابقة …كان دوما معها رغم تعرض شقيقته للهجوم إلا أنه لم يتركها أبدا …حتى عندما كان يذهب للمشفى يأخذها معه ثم يجعل عبير تقضي الليلة في منزلها …كان حريص ألا يتركها بمفردها ابدا كي لا تعيد التفكير في الإنتحار مجدداً … …ابتسمت وهي تفكر أنها ممنونة له للغاية …لكل تلك الأشياء التي يفعلها من أجلها…وضعت كفها على قلبها وهي تفكر أنها تعشقه ….
طرقة على الباب اخرجتها من شرودها …
-أدخل ..
قالتها برقة لتدخل عبير وتصفر قائلة :
-ايه الجمال ده بس …
ابتسمت لها جواهر وهي تطرق برأسها أرضا … وجنتيها احمرت من الخجل …
اقتربت عبير وقبلتها على وجنتها قائلة :
-يالا عشان عريسك مستنيكي يا عروسة…
هزت جواهر رأسها وهي تمسك كف شقيقتها وتخرج ….
……..
أطلق الجميع تصفيق حار بينما تخرج جواهر كأميرة من باب القصر ….كان الطريق الى الطاولة التي سوف يعقد عليها حفل الزفاف مزينة بالورود البيضاء …وكانت البالونات الزاهية تحيطها من كل اتجاه والفقعات الملونة تنطلق نحوها. .احست أنها أميرة…كل شئ كان مثالي للغاية …كل شئ كان جميل. تجمعت الدموع في عينيها وهي ترى عدي ينتظرها على الطاولة …يقف ويرتدي حلة باللون الكريمي كما ترتدي هي …نظرت إليه بدهشة وهي تضحك ليغمز لها …اخيرا وصلت إليه وجلست على الطاولة …
نظر شريف إلى ابنته الكبيرة التي كانت متألقة كعروس جميلة ….كان قلبه يؤلمه …لقد اخبره عدي ان يأتي لكي يكون وكيل جواهر وذلك بعد أن كتب شريف جواهر على اسمه … ومنعه منعا باتا من محاولة التحدث معها. ..لقد أصبح عدي يقف بوجهه الآن وأن حاول فقط التحدث مع جواهر عدي لن يرحمه ….
تمنى شريف أن يتحدث فقط مع ابنته …يعتذر منها ويعانقها ولكن خوفه من عدي منعه…ومن جهة آخرى جواهر عاملته وكأنه غير موجود ..لم تنظر إليه حتى …حتى عبير تعامله كالغريب …لقد خسر بناته .. …خسر كل شئ !!!!
…….
جلس عدي وبجانبه الشيخ ومن الناحية الاخرى شريف ليتم عقد القرآن …
….
بعد قليل …
تم الانتهاء من عقد القرآن وأصبحت جواهر رسميا زوجة عدي ….
..
لم ينتظر عدي مباركات المدعويين سحب جواهر خلفه وهرب بها وسط ضحكات المدعويين ….

ابتسمت عبير وهي تشاهد السعادة التى على وجه جواهر وهي تستقل السيارة مع عدي …وضعت رأسها على كتف زوجها وامسكت كفه وهي تقول :
-انا فرحانة أووي النهاردة يا امير…فرحانة أووي …
قبل أمير كفها وقال:
-وانا مبسوط طول ما أنتِ مبسوطة يا حبيبتي …
اقترب شريف منهما وقال:
-ممكن نتكلم يا بنتي شوية ؟!
تلاشت الابتسامة من وجه عبير ونظرت إلى والدها بقسوة وقالت:
-اظن مفيش حاجة نتكلم فيها يا شريف بيه …أنا علاقتي بيك خلاص انتهت !!!
بهت وجه شريف وهو يرى القسوة على وجه ابنته وقال :
-يا بنتي …
-متقولش يا بنتي …أنا مش بنتك ولا جواهر خلاص …من سوء حظنا أننا اخدنا اسمك …بس خلاص الحمدلله من النهاردة ربنا عوضنا عنك خير …عوضنا عن اب معندوش مانع يبيع بناته ….كفاية اللي عملته فيا انا وجواهر …ياريت متقربش مننا تاني !!
تصاعدت الدموع لعينيه بينما تذهب عبير من أمامه …نظر أمير بأسف إليه ثم لحق بزوجته …
لقد كان هو الخاسر الوحيد.

♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡♡
تنهدت ليان وهي ترى المدعويين بدؤا بالذهاب فقررت أن تذهب إلى غرفتها …يبدو أن شقيقها لن يعود اليوم …ابتسمت بسعادة وهي تتذكر السعادة على وجه شقيقها….أنها لم تراه سعيدا لهذا الحد من قبل …تتمنى من كل قلبها أن يكون سعيداً دوما …
..
فتحت باب غرفتها ثم أشعلت الضوء لتصرخ فجأة وهي تجد موسى أمامها …كادت أن تصرخ إلا أنه جذبها وهو يكتم فمها بكفه ويقول :
-انا جهزت كل حاجة عشان تسمعيني…
وبالفعل وضعها على المقعد ثم قيدها بالحبال القوية التي أحضرها ….
-موسى بتعمل ايه ؟!.
صرخت به عندما تمالكت نفسها وخرجت من صدمتها إلا أن موسى كمم فمها بلاصق وقال :
-اهو بالطريقة دي هتمسعيني للآخر !!
.♡♡♡♡♡♡♡♡♡
ولج لغرفته بخطوات متعبة …الاسبوعان السابقان كانا كالجحيم…انهارت عفاف تماما ورفضت تقبل موت ابنتها …صرخت وبكت وشتمته وضربته أيضا لينفي ما قاله….ثم بعدها لجأت للصمت …مهما حاول أحد أن يتحدث معها لا ترد …لذلك تم تحويلها للطبيب النفسي الذي أخبره أن الصدمة افقدتها النطق وطلب منه أن تبقى بالمصح كي يتابع حالتها ووافق ياسين ومنذ ذلك اليوم وهو يزورها يوميا وذلك بسبب معرفته الوطيدة بالدكتور المعالج …ولكن للأسف هي ترفض ابدا التحدث أو إظهار رد فعل …العلاج لا يأتي بأي نتيجة وهذا أحزنه …
-حبيبي ..
صوت ورد الرقيق أخرجه من شروده ..نظر إليها وعينيه لامعة بالدموع كانت جالسة على الفراش تبتسم له برقة فتحت هي ذراعيها وقالت:
-تعالى يا ياسين …
اندفع هو إليها وضمها بقوة إليها ودموعه الساخنة تهبط على وجنتيه …
-حبيبي كله هيكون تمام متقلقش ..
قالتها وهي تربت على شعره برفق وتقبله …
-الست عفاف مش راضية تدي اي رد فعل يا ورد …أنا خايف عليها اووي …هي متستحقش ده …
قبلت ورد رأسه وقالت :
-ربك كبير يا حبيبي ..ربك كبير …
نظر إليها ياسين لتمسح دموعه …امسك كفها وقبله قائلا:
-انا بحبك اووي يا ورد ..وبحب وجودك في حياتي ..
-وانا كمان يا حبيبي ..
قالتها بلطف …
سحبها على صدره وتسطح وهو يعبث بشعرها وقال:
-ممكن متقوليش لحد اني بكيت في حضنك …سمعتي كمهندس هتتدمر….
ضحكت ورد بقوة وقالت:
-حاضر يا باشمهندس مش هقول …
ابتسم ياسين وقال:
-ما تقوليلي شعر ..
-اقولك شعر ؟!
قالتها ورد عابسة ليرد ياسين:
-أيوة قوليلي شعر …اشمعنا أنا بس اللي بقولك شعر …مرة من نفسي يا ستي …يالا قولي.
-حاضر يا عم هقول …
ثم أغمضت عينيها وهي تتذكر أحدي قصائدها المفضلة …قبلت رأسه ثم بدأت تقول :
يا حُبًّا لم يُخْلَقْ بَعدْ
يا شَوْقًا كالمَوْجِ بِصدري
يا عِشْقًا يَجْتاحُ كِياني
يا أجمَلَ رَعْشاتِ اليَدْ
يا صُبحًا يُشْرِقُ في وجْهي
يا فَجْرَ الغَدْ
يا جُزُرًا تَمتدُّ بعَيني ،
وبُحورًا أغْرَقَها المَدْ
الحُبُّ كموْجٍ يُغرِقُني
والشَّوْقُ الجارفُ يَشتدْ
والعِشقُ يَجيءُ كتَيَّارٍ
يَجرِفُني مِنْ خلْفِ السَّدْ
(2)
يا أجملَ عِشقٍ
جرَّبْتُ ..
أنْ أعشَقَ حُبًّا لا يُوجَدْ
أنْ أعشَقَ حُلْمًا يَتَبَدَّدْ
أنْ يُصبِحَ حُبِّي نافِذَةً
أفتحُها ..
عُمري يَتجَدَّدْ
أنْ أَبقَى العُمْرَ على مَوعِدْ
مُنتظِرًا عَودَةَ أحبابي
مُنتظرًا شَمسًا لا تأتي
لِيَدُقَّ الضوءُ على بابي
(3)
يا حُبًّا لنْ يُخلَقَ أَبَدا
أشواقي نارٌ لا تَهْدَا
قدْ تَبقَى الأحلامُ بَعيدَةْ
قد يبقَى وَجهُكِ في نَظري
شَيئًا لا أُتْقِنُ تَحديدَهْ
أَحيانًا أجْمَعُهُ خَيْطًا
أغْزِلُهُ وَجْهًا من نُورْ
أحْيانًا ألقاكِ رَحيقًا ،
ألقاكِ عَبيرًا ،
وزُهُورْ
أحيانًا يُصبحُ شلاَّلاً ،
وبُحَيرةَ ضَوءْ
أحيانًا يُصبحُ لا شَيءْ
أحيانًا وَجْهُكِ يَتَحدَّدْ ..
يَكْبُرُ في عيني ،
يَتمدَّدْ ،
يَتجمَّعُ كالطَّيفِ قَليلاً
وأراهُ سرابًا يَتبدَّدْ
معَ أنِّي دَومًا أتَأكَّدْ
أنَّي لنْ أجِدَكْ ..
في يومٍ
لكنِّي أحلُمُ باللُّقيا
فأرانا الآنَ على موعِدْ
وسأبقى العمرَ ..
على موعِدْ
(عبد العزيز جويدة)
نظر إليها ياسين مبتسما وقال :
-عيناكِ آخر ما تبقى من مكاتيب الغرام
(نزار قباني )
تألقت عيني ورد واقتربت منه وهي تقبله على وجنته بكثافة وتضمه…..وهي تشكر الله الذي جمعها بحب حياتها …فهو الحقيقي وما قبله كان مجرد وهم !!
يتبع

صفحتنا علي فيس بوك

تحميل تطبيق لافلي Lovely

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
نبضات قلب الأسد الفتاة والشخابيط